روايات عربية

رواية أيام البلاد – وليد سيف

رواية أيام البلاد – وليد سيف

على الرغم من أننا كنا متباعدين، إلا أنني لم أستطع إلا أن أتحدث عن والدي في كل مرة. ولا أزال أحكي لأولادي عن شجاعته وتضحياته وبطولاته عندما كان قائدا لفصيل حطين في ثورة فلسطين الكبرى (1936-1939). كما أنني أتحدث باستمرار عن طيبته تجاه عائلتي، وخاصةً أنا. وبدونه، لم أكن لأتمكن من الوصول إلى المستوى المعرفي والمكانة الأكاديمية التي أتمتع بها الآن في الولايات المتحدة، ولم يكن أطفالي ليتمكنوا من النهوض من منزلهم الفقير ذي الجدران الطينية في قرية صغيرة في شمال فلسطين ولم يكن ليجني الآن ثمار نجاح والده في بعض الجامعات والمراكز الأكاديمية المرموقة في أمريكا. نعم، لقد كان دائمًا “أبو العائلة” وفخر عائلته. وانتهى به الأمر بالعيش في معسكر قليل المعرفة، ولم يتذكر كفاحه إلا بعض من عاش معه في شبابه ومن عرفه جيدًا. لا، لم أكن لأفوت كل هذه الأشياء.

لكن كما لو أن بعض سخرية القدر أرادت أن يستحضر في قلبي ومخيلتي هذه المرة، لم أستطع إلا أن أتواضع أمام صورته المعلقة على الحائط. وبعد حصولي على أعلى جائزة من الأكاديمية الوطنية للعلوم والتكنولوجيا، عدت إلى منزلي في نيوجيرسي عندما رن الهاتف من توركام في الضفة الغربية المحتلة، يخبرني أن ابن أخي صالح قد أعلن عن والده أو أخيه الأكبر أبو صالح.، لقد أصيب بمرض خطير، وأخبرني أنه كان يقول اسمي في هذيانه. ولم أفعل أي شيء أكثر من ذلك. أدركت أن هذا الوضع كان أكثر خطورة بكثير مما أستطيع التعبير عنه. من عادتنا إخفاء الأخبار الكبيرة قدر الإمكان عند إخبار شخص بعيد وغائب.

وفي اليوم التالي استقلت الطائرة متجهة إلى عمان حيث عبرت جسر نهر الأردن إلى توركام.

أدركت هذا قبل أن ألفظ أنفاسي الأخيرة. ثم جلست بجانب سريره. وبصعوبة بالغة، فتح عينيه قليلاً ونظر إلي دون أن يقول أي شيء. بخلاف صوت خشخشة خافت. نظر إلي بصراحة. وظهرت ابتسامة باهتة على وجهه. أمسكت بيده وقبلتها وأمالت رأسي نحوه وهمست: “أنت أبونا وتاج رؤوسنا. بدونك أنا لا شيء.” ثم أغمض عينيه إلى الأبد.

غادر الرجل الكبير وتساءلت ماذا تعني البطولة. خبر وفاة أخي أبو صالح أحمد صالح الشيخ يونس لا ينشر في الصحف ولا في الإذاعات، ويتسابق الكتاب إلى تذكر سيرته وسرد مآثره، على الأغلب لا. قريبا، سيموت آخر شاهد لم يذكر اسمه. الراوي الأخير المنسي… أولئك الذين عرفوه في شبابه كحصان بري مربوط فقط بالريح.

من يحمل عبء الذاكرة؟ من يكتب السيرة ولمن للحظة واقرأ هذا. من فضلك.”ء…….؟

رواية أيام البلاد - وليد سيف
رواية أيام البلاد – وليد سيف

ايمانا منا بالأهمية العظمى للقراءة .. لما لها من تأثير سحرى فى الإرتقاء بالأفكار والعقول  ولأن فى الكتب حيوات عدة .. لذا قدمنا هذا الموقع لمن لا يكتفى بحياة واحدة وعقل واحد وقلب واحد وفكر واحد .. ولا أحد ينكر أن هناك صعوبات كثيرة للحصول على الكتاب الورقى فى أماكن كثيرة من الوطن العربى .. سواء من ارتفاع اسعار الكتب من جهة او عدم توافرها فى بعض المناطق من جهة اخرى لذا كان الكتاب الالكترونى هو الحل الأمثل للجميع ورغم كل ذلك فاننا حريصين على أن يكون نشرنا للإبداع عن رضا تام للكاتب .. لذا ايمانا منا بحق اى كاتب فى تقرير مصير ابداعه وحرصا على الملكية الفكرية .. فسوف نقوم بحذف اى كتاب يراسلنا كاتبه اذا كان لا يريد ان يستفيد من كتابه ملايين القراء وسوف نقوم بحذفه خلال 24 ساعة . ملحوظة هامة : نحن لا نصور أي كتاب بواسطتنا , وجميع الكتب المنشورة على الموقع مأخوذة من مواقع أخرى .. إذا كان كتابك قد نشر بدون موافقتك أو موافقة دار النشر برجاء مراسلتنا وسنقوم بحذف الرابط فورا 

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع عاشق الكتب

للتحميل اضغط هنا

لمناقشة الكتاب فى جروب عاشق الكتب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى